يقال إن العلاقة الزوجية كتاب مفتوح، فهل الهاتف بدوره جهاز مفتوح بين الزوجين؟ أم أنه يصنف في خانة الحرية الفردية الممنوع اقتحامها، ولو كان شريك حياتك؟ لكن ماذا لو تحولت هذه الحرية «الجدار» إلى وسيلة للعذاب والغيرة والشك لأحد الطرفين؟ بعبارة أخرى، هل يمكن أن يتحول الهاتف المحمول إلى مشكل يؤثر على العلاقة بين الزوجين؟ وقد ينهيها كما تحكي قصص من قلب محاكم الأسرة المغربية.
مدمنة تعقب هاتف زوجي
«أنا مدمنة أتعقب هاتف زوجي في كل لحظة، بهذه العبارة تعلق أمل، متزوجة منذ 5 سنوات. فتؤكد أنه من الضروري معرفة كل صغيرة وكبيرة في هاتف زوجها؛ قائمة أصدقائه، طبيعة المكالمات التي يستقبلها، وكذلك محتوى الرسائل القصيرة التي يتوصل بها. فتقول: «راسي كيضرني»، ولا أستطيع مقاومة فضولي، لذلك أحرص على اختلاس النظر إلى هاتفه، كلما وجدت الفرصة المناسبة لذلك، وغالبا ما أستغلها أثناء صلاته… وصراحة أفعل ذلك «باش نرتاح» من كل الشكوك التي تراودني، مع أنني في العمق لا أرتاح بصفة كاملة، لأنني أعرف بل متأكدة، أن الرسائل والمكالمات التي أبحث عنها، سوف يقوم زوجي بمسحها من هاتفه فورا، لكي لا تصبح دليل إدانة في حقه.
ولكن هذا لا يمنع أنني أمارس رقابة مشددة على زوجي بمجرد ما يتجاوز «عتبة» البيت، فأحيانا عديدة، بالرغم من انشغالي بإعداد الطعام في المطبخ، ما أن أسمع رنين هاتف زوجي، أحبس أنفاسي وأسترق السمع إلى أن تنتهي المكالمة.
كما أنني بين الفينة والأخرى أقوم بالبحث في قائمة المتصلين به أو الذين اتصل بهم، وإذا وجدت إسما غريبا، أدونه في ورقة، وبمجرد ما تسنح الفرصة أتصل للتأكد من هويته، فإذا أجابني رجل، أرتاح لكني أظل متوجسة, أما إذا كان مخاطبي امرأة ، يغلي بداخلي بركان من الفضول والشك. أذكر أنني في أحد الأيام وجدت اسما غريبا، سجلته وعندما اتصلت به، سمعت «ألو» بصوت نسائي، طبعا قطعت الخط، وفي رأسي ألف علامة استفهام، من تكون؟ وما طبيعة علاقتها بزوجي …».وتضيف أمل حائرة: « إلحاحي في التجسس على هاتف زوجي، يخلق في العديد من المرات، مشاكل ونزاعات بيننا، تصل إلى حد اتهام زوجي بأنني مصابة بمرض الوسواس القهري، لكن ما باليد حيلة، فأنا أحس بأن الهاتف خطر كبير يهدد استقرار حياتي الزوجية».
مسألة شخصية لا يمكن التطفل عليها
على العكس وفاء، متزوجة منذ 9 سنوات، تؤكد أنه: «قد يكون من حقي معرفة الأمور الضرورية والمهمة في علاقتنا الزوجية، ولكن هاتف زوجي واتصالاته ومكالماته، لا أعيرها أي اهتمام، لأنني أثق بزوجي، وأيضا أؤمن بأن الهاتف مسألة شخصية لا يمكن التطفل عليها ولو من طرف شريك الحياة».
وتضيف: «ربما الشك والفضول عند بعض الزوجات يكون نتيجة طبيعية، بسبب ردود أفعال غريبة ومبالغ فيها من طرف أزواجهن، فمثلا تجد الزوج عندما يتلقى مكالمة يقوم بالمراوغة أو بالتكلم بصوت خافت أو بمجرد دخوله إلى المنزل إلا ويضع لهاتفه «لفيبرور» فقط، كأنه يريد إخفاء أمر معين على زوجته. والحمد لله هذه التصرفات المريبة غير موجودة في علاقتي الزوجية، فزوجي يترك هاتفه في أي مكان في البيت، بالإضافة إلى أنه يترك فيه العديد من الصور الخاصة بابننا، والتي أقوم بتفحصها بشكل عفوي دون أي تردد من جانبه، وفي حالة تلقيه أي مكالمة، يرد بشكل عادي وهو جالس بجانبي بدون مراوغة، وبصوت مسموع…» وتسكت وفاء لبرهة قصيرة لتضيف بابتسامة ماكرة: «بصراحة الزوجة لا تحتاج إلى التجسس على الهاتف لاكتشاف أمر مشبوه، يكفي أن تعتمد على حدسها الذي سوف يكون أصدق من كل الهواتف…».
«ما ديرش ماتخافش»
أما مصطفى، فيؤمن أن كل علاقة زوجيةيجب أن تبنى منذ البداية على الصراحة والوضوح، وبالتراضي بين الزوجين، لأن في حالة انعدام هذه الأخيرة، أكيد سوف يفتح باب الزوجية، على مصراعيه للشك، وكما يقول: « نعيش في مجتمع ، يحتل الشك نسبة كبيرة في أفكارنا وتصرفاتنا، لدرجة أنني أعتقد أننا ديكارتيين أكثر من ديكارت”.
كما يؤكد بأنه: “ يجب أن يكون هاتف الزوجة هو هاتف الزوج والعكس صحيح، بحيث يمكن لأي واحد منهما تفحصه ومعرفة كل ما به بشكل عفوي بدون أي حساسية، ولا شعور بتأنيب الضمير، مادام هناك أساس متين من الثقة والوضوح بين الطرفين، فماذا يمكن أن يكون موجود في الهاتف لا يجب أن يعرفه الزوج أو الزوجة؟ لذلك، أعود وأكرر أن الغموض وعدم الوضوح والمراوغة، لا يجب أن يلف العلاقة الزوجية، في جميع نواحيها، سواء المهمة منها، أو البسيطة كالهاتف المحمول، فهذه الجزئية، لا يجب الاستهانة بها مطلقا، لأنها قادرة على تعميق الفجوة والبعد و»صداع» بين الزوجين، وربما في بعض الحالات، قد تكون سببا في تدمير الحياة الزوجية. إلى جانب ذلك، أؤمن بمثل مغربي شعبي يقول: “ما ديرش ماتخافش”، وهو خير دليل على أن أي تردد أو الرفض من أحد الأزواج، إلا وسوف يفسر بشكل سلبي، ويطرح سؤالا منطقيا وهو ”علاش ياك ماكين والو ومناش خايف ؟»
يشاركني في زوجي…
ياسمين، متزوجة منذ 5 سنوات، تؤكد أنها لا تفهم سر طبيعة علاقة زوجها بالهاتف المحمول: «فهو رفيقه الدائم، الذي لا يفارقه مثل ظله، و“مايمكنش” ينساه أو يغفل عنه ولو لحظة واحدة، لدرجة أنني في العديد من الأحيان، أتساءل بيني وبين نفسي “راجلي لا خيروه بيني وبين تيلفونو … شكون غادي يختار؟. وصراحة أنا لا أشك في تصرفات ولا طبيعة المكالمات التي يتلقاها زوجي، ولا أحس بالفضول بمعرفة ما يوجد في جهازه «ضرتي»، ولكنني بالمقابل أغار من اهتمامه المبالغ فيه، وصراحة أعترف أنني «كنتعصب» عندما يرن هاتفه، ويتطفل علينا في بعض اللحظات الحميمية والرومانسية المشتركة التي تجمعنا…».
0 التعليقات:
إرسال تعليق