داخل حميمية فراش الزوجية، يمكن أن يحدث بين الرجل والمرأة أشياء عديدة تؤثر على استمرارية واستقرار العلاقة الزوجية.. نفق ممنوع و“حشومة” الحديث عنه في مجتمعنا المغربي..صفحة سوف تضيء عتمة هذا النفق، حاملة بين طياتها أجوبة وتحليلات وتفسيرات من قبل مختصين وعلماء دين وأطباء نفسانيين وعلماء اجتماع
هي معادلة صعبة في الحياة الزوجية، يستحيل فك رموزها، عندما يدخل في حساباتها، عملية الزيادة والنقصان في العلاقة الجنسية. فماذا يحدث عندما تنفر الزوجة من الاحتياجات الجنسية الدائمة لزوجها، أو في حالة العكس عندما يعجز أحد الأزواج عن تلبية رغبات زوجته المتكررة. فهل هذا اللا تكافؤ في الرغبة والمتعة يمكن أن يؤثر على طبيعة العلاقة الجنسية، وهل يمس بكبرياء الزوجة، وبفحولة الزوج؟
“ضَيعتْ راسي في حياتي الجنسية“
لطيفة، متزوجة من زوج يفوقها 20 سنة تعترف قائلة: “ضَيعتْ راسي، لأنني أهملت الجانب الجنسي على الحساب الجانب العقلي والمادي، فأنا بصراحة عندما تعرفت على زوجي، أعجبت بشخصيته وأفكاره ومركزه وماله، بمعنى أصح وجدت فيه الشروط التي كانت تتوافق مع ما كنت أبحث
عنه في الزوج المستقبلي، وبالتالي لم أتردد ولو لحظة واحدة بقبول الارتباط
به، بالرغم من فارق السن الكبير بيننا، وأيضا مرضه بداء السكري. المهم بعد الزواج مباشرة، في أيامه الأولى، اصطدمت بحقيقة مرة، أن زوجي كما يقال بالعامية “نْفسو بَاردة“..فهو لا يحس برغبة جنسية، إلا نادرا وفي مرات قليلة، وفي تلك المرات تكون جافة وفاقدة الإحساس من طرفه.. أما عني، فبعد كل علاقة أحس بالاختناق والغضب، وأحسد كل زوجة تتمتع بعلاقتها الجنسية مع زوجها.. ولكن ما العمل ؟، مجرد أفكار وحسرة وأماني ستبقى حبيسة داخل أعماقي، تزعجني ولا أستطيع السيطرة عليها، أو تحقيقها على أرض الواقع في حياتي الجنسية الزوجية“.
الحالة النفسية للزوجة سبب للتكافؤ الجنسي
على العكس من ذلك، تؤكد فتيحة، الزوجة وأم لثلاثة أطفال، أن كثرة العلاقات الجنسية غير مقبولة من طرفها، وكما تقول: “الجنس ماشي بوحدو“، الذي يبني أساس العلاقة الزوجية. فهناك أمور أخرى أهم، تحظى
بالأولوية عند المرأة كتربية أولادها والسهر على أمور بيتها وراحة زوجها،
إلى جانب وجود نقطة مهمة أن مشاعر الزوجة وهمومها، تقيد رغبتها ومتعتها
الجنسية، على خلاف الرجل الذي لا يمل من الممارسة، بغض النظر عن حالته المزاجية، وهذا يعتبر في رأيي الشخصي العائق الأساسي الذي يساهم في اختلال ميزان اللا تكافؤ الجنسي بين الزوجين. وتضيف فتيحة بتفسير دقيق: “كل يوم أعاني من الضغوط الكثيرة، سواء خارج البيت أو داخله، بحيث يجب أن أهتم بكل صغيرة وكبيرة،
بما فيها مهمة تربية الأولاد، وطبعا زوجي العزيز الذي يكتفي بالمراقبة من بعيد، رافضا أن يساعدني أو يخفف عني بعض هذه الأعباء الشاقة، لكنه بالمقابل يلح على إقامة علاقة جنسية..فأنا مجرد ما “نحط راسي على المخدة” بعدما أكون قد استنزفت كل قطرة من جهدي وطاقتي، إلا وأجد شبح الجنس يطاردني، وفي هذه الحالة غالبا ما أرد على طلب زوجي بعبارة جاهزة على طرف لساني “وبقيتي ليا غيْر أنت من لحْساب“.
الصمت يعمق الهوة في الميزان الجنسي
أما ليلى، المتزوجة منذ 13 سنة، تعترف أن اللاتكافؤ الجنسي، يعتبر مشكلا خطيرا قد يؤثر على الزوج أو الزوجة، سواء من الناحية النفسية أو العاطفية
أو الجسدية. وتؤكد أيضا أن هذا اللا تكافؤ يعتبر من أبشع نتائجه هاجس الخيانة، وربما لهذا السبب نجد في مجتمعنا، ظاهرة شائعة بنسبة كبيرة وأصبحت مطلبا ملحا عند العديد من الأزواج، وهي ضرورة وجود صديقة عشيقة إلى جانب الزوجة الشرعية.
والغريب في الأمر أنه بالرغم من خطورة هذا الأمر في الحياة الزوجية الجنسية، إلا أن الزوجين يلجآن إلى لغة الصمت المدمر على حساب لغة الحوار النافع، فمثلا في حالة عدم استجابة أحد الطرفين للعلاقة الجنسية للطرفالآخر إلا ويحدث تباعد، لدرجة قد تصل إلى الخصام ويصبح “كل واحد يشوف في اتجاه مختلف“..وبدون معرفة الأسباب ولا البحث عن حلول من أجل إيصال علاقتهما إلى بر الأمان.
أمال شباش
اختصاصية في الطب النفسي وفي الاضطرابات الجنسية
يمكن للزوجين خلق توازن في الحياة الجنسية
العلاقة الزوجية الجنسية، هي عبارة عن كتلة من المعاني والمشاعر الإنسانية النبيلة، التي تتداخل في هذه العلاقة، من حنان واهتمام وحب وأيضا تضحية وتفهم لحاجيات ورغبات الشريك الآخر،
خصوصا في طبيعة العلاقة الجنسية التي تكون محكومة بالعديد من التناقضات،
ومن أهمها، الاختلاف في درجة الرغبة الجنسية بين الرجل والمرأة، فكما هو
معروف، أن هذه الرغبة عموما تختلف عند الرجل عن الرغبة عند المرأة، وذلك
بحكم تكوينه وطبيعته الفيزيولوجية، بالإضافة كذلك إلى أن القيمة الطبيعية لهرمون التستوستيرون المسؤولة عن الرغبة الجنسية عند الرجل مرتفعة أكثر من عشر مرات عند المرأة، وبالتالي فإن اللاتكافؤ الجنسي هو أمر حتمي موجود وسيوجد في أي علاقة بين الزوجين.
لكن في بعض العلاقات الزوجية، قد تكون هناك معايير أخرى، قد تزيد من تعميق هذا اللا تكافؤ، منها حالات مرض أحد الطرفين أو بسبب الفارق في السن، بالإضافة إلى طبيعة العلاقة الجنسية بين الزوجين، التي تكون أحيانا فاقدة لملامحها الطبيعية، أي أن تكون مبنية على تواصل جسدي فقط بدون تواصل روحي وعاطفي.
وهنا لا بد من شرح أمر مهم للأزواج، أنهم عندما يرغبون في ممارسة الجماع مع زوجاتهم،
يجب أن يتعلموا كيفية السيطرة والتقليل من رغباتهم الزائدة، وبالمقابل على
الزوجات، أن يعرفن كيف يرفعن من هذه الرغبة، بهدف خلق نوع من التكافؤ في
ميزان الحياة الزوجية الجنسية، فمثلا يمكن للشريكين
الاتفاق على تحديد عدد العلاقات في الأسبوع، فإذا كان الزوج يريد يوميا
علاقة، في الحين الزوجة تتمنى أن تكون مرة واحدة فقط، ففي هذه الحالة يمكن
الاتفاق على ممارسة علاقة لثلاث مرات في الأسبوع. وفي نفس الوقت عندما يكون أحد الأطراف في العلاقة الجنسية، يتمتع برغبة جنسية أكثر من الآخر، هنا يجب أن لا يقوم بإرغام شريكه على الممارسة ، بل يحاول أن يخلق لديه تجاوبا، لتكون المتعة مشتركة بين الاثنين.
ولتحقيق
هذا التكافؤ يبقى للزوج دور مهم في خلق توازن، والأمر سهل وهي الاعتماد
على الخلطة السحرية، التي تتكون من الكثير من الحب والاهتمام والمداعبة،
لأنه إذا كان الطريق للوصول إلى قلب الرجل هو الجنس فإن العكس، لتصل للجنس
عند المرأة لابد من الحصول على قلبها و وجدانها، لأن أصعب إحساس يمكن أن يبعدها ويكرهها في الجنس بصفة عامة، هي شعورها، بأنها مجرد شيء، لتلبية غريزة زوجها.
أما عن دور الزوجة في هذا التكافؤ، فيجب أن تتفادى الفكرة الشائعة
عند العديد من الزوجات، اللواتي يرفضن ممارسة العلاقة الجنسية، بدعوى أنهن
مرهقات بسبب ضغوط العمل وتربية الأولاد، وهذا يعتبر مجرد عذر للهروب من
هذه العلاقة، لأن الجماع، هو وسيلة للراحة وللتنفيس عن كل الأعباء التي يحملها الزوجان على كاهلهما، إلى جانب أن الجنس يعتبر بوابة لخلق تواصل روحي وعاطفي بين الشريكين، وليس كما يعتقد البعض بأنه حمل ثقيل على القلب. وتبقى هناك خاصية يتميز بها الزوج، الذي يمكنه أن يتخلص من همومه ومشاكله وأحزانه، وتبقى رغبته الجنسية هي شاغله الوحيد، في حين أن الزوجة تحمل معها كل ما يخالجها من هموم حتى أثناء علاقتها الجنسية.
وفي الأخير يجب الإشارة إلى نقطة مهمة، تجهلها العديد من الزوجات، وهي أنهن أقوى جنسيا، ويمكنهن أنيشعرن بالرغبة الجنسية لمرات عديدة أكثر من أزواجهن، وبأن الرجل يشبه عود الكبريت، يشتعل ويطفئ سريعا، بمجرد لمسه في حين أن المرأة مثلها مثل الماء يحتاج إلى الوقت ليسخن، ومدة لكي يبرد.
0 التعليقات:
إرسال تعليق