داخل حميمية فراش الزوجية، يمكن أن يحدث بين الرجل والمرأة أشياء عديدة تؤثر على استمرارية واستقرار العلاقة الزوجية.. نفق ممنوع و”حشومة” الحديث عنه في مجتمعنا المغربي…. صفحة سوف تضيء عتمة هذا النفق، حاملة بين طياتها أجوبة وتحليلات وتفسيرات من قبل مختصين وعلماء دين وأطباء نفسانيين وعلماء اجتماع …
من المؤكد أن هناك مجموعة من العناصرالنفسية والفسيولوجية والاجتماعية وغيرها، تشكل جزءا مهما من تكوين الزوجة بصفة عامة، والزوجة المغربية بصفة خاصة. هذه التركيبة في بعض الأحيان قد تكون بمثابة جواز سفر يدخلها إلى عوالم وأسرار الحياة الزوجية من بابها الواسع، وتحميها من الإصابة بالشيخوخة المبكرة، وأحيانا أخرى، بالعكس قد تساهم هذه العناصر في إحداث شروخ عميقة، تدخل الزوجة والعلاقة الزوجية في متاهات من المشاكل المعقدة. ويبقى “الجنس” على قائمة هذه التعقيدات لأغلب الزوجات. فهل صحيح أن “الجنس لغز يصعب على المرأة المغربية فك رموزه”؟
الجنس هو لذة الزواج
الزوجة سعيدة، تؤكد أن الجنس من مكملات الحياة الزوجية، فهو وسيلة لخلق تواصل بين المرأة والرجل، في منتهى التكامل النفسي والجسدي والعاطفي، فالأكيد أن الحياة بدونه ستكون بلا طعم ولا شكل. وتضيف كذلك بحسب رأيها أن الجنس هو لذة الزواج للطرفين معا، هذا الأخير الذي يبنى على الأخذ والعطاء، فكما يشعر الرجل برغبة في زوجته، هي كذلك تشعر بنفس الرغبة، ولكن مع فارق بسيط أنها تخجل من البوح، بحكم تربيتها وعادات وتقاليد مجتمعها، وهذا هو المشكل الذي يقع فيه أغلبية الزوجات المغربيات، فتجد العديد منهن لديهن رغبات جنسية معينة، لكنها تحجبها بستار من طقوس الخجل والتردد، ليتولد لديهن مع الوقت حالة نكران بأهمية الجنس في حياتهن الزوجية. ومن هنا للأسف تبدأ مآسي العلاقة الزوجية، خصوصا أننا نعيش في مجتمع، ما زالت فيه العقلية الذكورية طاغية، باختلاف أعمارها وثقافتها، وتعتبر أن فشل أو نجاح أي علاقة جنسية “هو من المرأة”، وأن “الراجل ما منو والو”.
الجنس هو”حق فيتو للزوجة”
وبالنسبة ل”لُبنى” المتزوجة منذ 8 سنوات، وأم لطفلين، تعترف بجرأة أن الجنس هو سلاح الزوجة للضغط على الزوج فقط. تقول: “هو سلاحي الوحيد الذي أهزم به زوجي في معركة الحياة الزوجية، وما أدراك ما الزواج…بالصراحة الجنس بمعناه الحقيقي، ما يحتويه من مشاعر وتناغم روحي وجسدي بين الزوجين، عمره قصير جد، ويكون في السنة الأولى من الارتباط فقط، ليتحول من بعد إلى مجرد ممارسة نمطية في الحياة الزوجية”.
وتضيف لبنى، بسخرية لاذعة: “أنا كزوجة مغربية، لو سألتني عن ماهية الجنس في حياتي الزوجية، سأخبرك أنه لا يعني لي شيئا، لا أستمتع به، ولا أحس بالرغبة فيه، ولكنني أحتاجه فقط للمحافظة على زوجي، لكي لا يبحث عنه في مكان آخر، وبالتالي وسيلة لأحميه وأحمي نفسي من لعنة الخيانة…لذلك فأنا أشبه الجنس بحق فيتو بيد الزوجة”.
الجنس غريزة “عطاها لينا الله”
على العكس من ذلك، مريم، متزوجة وأم لطفلين، تختلف مع لبنى في الرأي، وتؤكد أن الجنس هو وصفة من الوصفات التي تمنح الزوجة توازنا نفسيا وعاطفيا مع ذاتها، بالإضافة إلى أنه يحافظ على رونق وحيوية روحها، ما يعكس على شخصيتها، لذلك تجد أن المرأة التي تستمتع بحياتها الجنسية، غالبا ما تكون إنسانة هادئة مستقرة في بيتها، على خلاف الزوجة التي تعاني من اضطرابات وخلل في علاقتها، فتكون غير مرتاحة مع جسدها ولا مع نفسها، وكما يقال، فاقد الشيء لا يعطيه، وبالتالي لا نتوقع أن تمنح هذه الزوجة طعما ولا حياة لحياتها الزوجية.
وتضيف لبنى بعد تفكير، بصوت هادئ ينم عن قوة شخصيتها قائلة: “الجنس غريزة إنسانية “عطاها لينا الله”، وحللها بميثاق شرعي، فلماذا نقيده بقيود من الحشمة والتردد، ونفرض على المرأة أن تكتم مشاعرها ورغباتها الجنسية حتى على شريك حياتها. أنا شخصيا أعتبره خطأ فادحا، ترتكبه الزوجة المغربية في حق نفسها وفي حق علاقتها الزوجية، خصوصا أن الجنس من الأولويات، وبدونه تكون “العلاقة جافة وناقصة”، وأحيانا من نتائجها حصول الخيانة، ودمار هذه العلاقة، على اعتبار أن ممارسة الجنس تساعد الزوجين على التخلص من المشاكل التي تعكر صفو الحياة، خصوصا إذا كان الجنس يشبع رغبة الزوجين معا”.
“الجنس يساوي الإنجاب”
” أغلب الزوجات في المغرب، لديهن فكرة واحدة وهي أن “الجنس يساوي الإنجاب”. بهذا الاتهام الصريح تبدأ فدوى، الطالبة الجامعية، حديثها للتعبير عن رأيها. فتقول: “في مجتمعنا، الفتاة منذ نعومة أظافرها، يسمح لها بلعب دور الأم مع دميتها، وبالمقابل يمنع عليها، الحديث عن كل ما يتعلق بالجنس، لأنه “حشومة وممنوع”، باستثناء أنه وسيلة للإنجاب من بعد الزواج… ومع الوقت ينمو لديها الإحساس بالأمومة، ليصبح هو هاجسها وهدفها الأكبر من حياتها الزوجية الحميمية”.
أمال شباش
اختصاصية في الطب النفسي وفي الاضطرابات الجنسية
الجنس أصبح من الأولويات في حياة الزوجة المغربية
الزوجة المغربية والجنس، هي إشكالية معقدة يتداخل فيها عامل التربية والبيئة والحالة النفسية، وتحكمها والعادات والتقاليد.
ما هو تفكير وتصور المرأة المغربية في جميع مراحلها العمرية عن حمولة “الجنس”؟
في مجتمعنا، البنت منذ نعومة أظافرها، تتربى في جو غالبا ما يكون محكوما بقيود من التكتم و”الحشمة”، حول كل ما يتعلق بالجنس، كلمة ومضمونا، وهذا ما يترك العديد من الغموض والجهل. بالإضافة إلى وجود بعض المعتقدات الخاطئة في طبيعة تربيتها، فمثلا نجد أن أغلب العائلات، يمنعون ويتجنبون الحديث عنه، مع إيصال رسالة سلبية محورها أن”الجنس موسخ”.
وعندما تصل هذه البنت إلى سن المراهقة، الفترة التي تبدأ فيها في استكشاف ذاتها “كيعجبها راسها”، وفي نفس الوقت استكشاف بعض ملامح “الجنس” من حولها، فتصطدم بجدار الجهل والمثالية والفضول، هذا الأخير الذي يدفعها إلى البحث عن تفسير ومعرفة كل الأمور المتعلقة به. وهنا يأتي دور العائلة، فإذا كانت هذه المراهقة تعيش في أرضية مستقرة يسودها التفاهم والحوار، فيمكنها أن تتجاوز هذه المرحلة و الوصول إلى بر الأمان، أما في حالة العكس، فالأكيد سوف تترك بصمات في نفسيتها، تؤثر فيما بعد على طبيعة حياتها الزوجية الجنسية.
والخلاصة أنه يجب على الأسر المغربية، إدراك أن المنهجية الصحيحة لتربية الفتاة التي ستكون زوجة الغد، يجب أن تبنى على الحوار في جميع أمور الحياة، بما فيها “الجنس” بدون قيود الحشمة ولا أغلال التقاليد، لكن طبعا مع مراعاة أننا في مجتمع إسلامي.
كيف هي علاقة الزوجة المغربية بالجنس؟
كل امرأة بطبيعتها، لها تصورات مثالية ورومانسية عن الجنس، هذه التصورات تبقى حبيسة مخيلتها إلى حين ارتباطها، وفي ليلة الدخلة، بين قوسين، تلك الليلة التي يمكن اعتبارها البوابة التي تدخلها إلى عوالم الحياة الزوجية الجنسية، و ما سوف يحدث فيها “إما يحببها في الجنس أو يكرهها فيه”..
وبعد الدخول إلى عالم “الجنس”، تختلف الرؤية حسب طبيعة وشخصية كل زوجة، فنجد زوجات غير قادرات على فهم لغة أجسادهن ولا التعبير عن رغباتهن، وبالتالي هذا العائق يجعلهن عاجزات عن التعايش مع أجساد ورغبات أزواجهن.
إلي جانب ذلك نجد بعض الزوجات يخترن الجنس، كوسيلة للضغط على الزوج، وللأسف هذا الاختيار السلبي، قد يساهم في خلق الجفاء بين الزوجين.
ولا ننسى الإشارة إلى نقطة أخرى، وهي حاجز الحرج الذي تضعه بعض الزوجات بينها وبين زوجها من خلال عدم الإفصاح عن رغباتها الجنسية، مع أن العلاقة الناجحة يجب أن تكون بمشاعر متبادلة بين الطرفين.
يقول بعض الخبراء إن الأطفال يضعون السعادة الموجودة بين الزوجين في خطر.فهل الحياة الجنسية مهددة بالخطر بعد الإنجاب؟
نعم يمكن القول إن الحياة الجنسية مهددة بالخطر بعد الإنجاب، بالنسبة لبعض الزوجات، اللواتي لا يدركن أن العلاقة الجنسية هي تواصل روحي وجسدي بين الطرفين، وبأنها ليست مجرد علاقة ميكانيكية لصناعة الأطفال. وللأسف في مجتمعنا المغربي تقريبا 20 في المائة من الزوجات يؤمن أن الهدف من الجنس هو الإنجاب.
نحن نتفق أن الإنجاب نعمة وحلم كل امرأة، لكن بالمقابل الحياة الزوجية تحتوي كذلك على معاني إنسانية كالعشرة والحب والتفاهم، وهما الأبقى والأعمق في رابط الزواج.
هل الجنس يدخل ضمن الأولويات في حياة الزوجة المغربية؟
نعم في الوقت الحالي، أصبح من الأولويات في حياة الزوجة المغربية، لأنها أصبحت تدرك أن الجنس يهدف إلى خلق تقارب وجداني وعاطفي بينها وبين شريكها، وبأنه ليس مجرد غريزة فطرية، بل هو علاقة مشاعر وأحاسيس يجب أن تمارس بمتعة ولذة…بالإضافة إلى أن هذه المتعة الجنسية ليست حكرا على الزوج فقط.
وخير دليل على اهتمام الزوجة المغربية بالجنس، فقبل أعوام سابقة وبالضبط قبل 10 سنوات، لم تكن عيادتي تستقبل، إلا نسبة قليلة جدا، من حالات لزوجات تواجهن مشاكل جنسية ، لكن مع الوقت بدأت تدريجيا أستقبل حالات مستعصية، لنساء يعانين من حالات تشنج المهبل، والتي تؤثر على استقرار حياتهن الزوجية، لكن فيما بعد، خصوصا في الثلاث سنوات الأخيرة، توسعت الدائرة أكثر لتشمل مختلف الاضطرابات الجنسية التي تعاني منها الزوجة المغربية، هذه الأخيرة التي أصبحت تدرك أن من حقها أن تعيش حياة زوجية جنسية دافئة وسعيدة.
وفي الأخير لابد من الإشارة إلى أن الرجل المغربي أصبح أكثر وعيا وتفتحا بخصوص الجنس، وبالتالي يجب على الزوجة المغربية إدراك هذا الواقع من أجل خلق توازن، وإضافة رونق وحيوية لحياتها الزوجية الجنسية.
2 التعليقات:
هل يمكن زواج اندكم
حبيبى كلهم
إرسال تعليق