في غياب جهة علمية أو أكاديمية تهتم
بتأهيل من يقبل على الزواج، وإمداده بما يكفي من
المعرفة، لإدراك الخصائص التشريحية والفسيولوجية للجسم
البشري، يدخل الرجل حياته الزوجية من باب غرفة النوم،
ودون معرفة علمية صحيحة عن العلاقة الحميمية، وربما يجهل
مدى تشابك العوامل الجسدية والنفسية، فما لديه من
معلومات تسربت إليه وتراكمت في ذهنه على مر السنين،
كان مصدرها الرئيس هم رفاقه، وغالبا ما يكون لرفاق
السوء المساهمة الأكبر في تكوين هذه الثقافة المشوهة
المستقاة من الشارع.
تكون البداية هكذا، تقودها معرفة ناقصة معوجة،
لا تستند على أسس علمية أو طبية، وللأسف قد لا تكون
هناك من وسيلة لتصحيحها، إذا لا توجد جهة معينة تعنى
أو تهتم بذلك. هكذا تكون البداية، والبدايات لها أثر
خطير وممتد، وغالبا مايكون الانطباع عن العلاقة الحميمية
الأولى انطباعا له أثره على المراحل التالية من الحياة
الزوجية، فكيف سيكون الإنطباع النابت من ثقافة ومفاهيم
مشوهة؟! فما هي هذه الأخطاء أو القناعات الخاطئة التي
يقع فيها الرجل في العلاقة الحميمية:
إهمال التمهيد
لا يكون جسد الزوجة مهيئا دائما للعلاقة
الحميمية، فكل مهمة للجسد تستلزم محفزات معينة، تنشط
جوارح وأعضاء بعينها، وهرمونات ذات مهام محددة، بالإضافة
إلى تهيئة نفسية تامة، هذا ما قد يهمله الزوج أو لا
يلقى له بالا، فيدعو زوجته لعلاقة حميمية أو حتى
أحيانا يفاجئها، دون إستثارة مشاعرها وإستدعاء حواسها، ذلك
السلوك يرسخ لدى الزوجة إحساسا بأنانية الزوج، وأن
العلاقة الحميمية فعل أحادي الجانب لا مجال للمشاركة
فيه، فيكون الأثر السلبي هو الناتج المنطقي الوحيد الذي
تتركه علاقة تمت بهذا الشكل.
الصمت
خطأ فادح يقع فيه الزوج عندما يصمت إثناء
العلاقة الحميمية، إذ لا يدرك أن المرأة بطبيعتها رقيقة
المشاعر يغريها الغزل ويغرقها في موجة ساخنة من النشوة،
ويشعرها بأنوثتها ويثبت لها جاذبيتها، ويعزز ثقتها بنفسها،
ولكن صمت الرجل يضعف الجانب الإنساني ويضفي أجواء رتيبة
مملة، وربما تشعر الزوجة أنها أقرب لكونها مجرد دمية
بلاستيكية في مخيلة الزوج.
الظن أن العلاقة الحميمية تنتهي في لحظة معينة
وهل هناك تتمة أخرى للأمر؟ هذا ما قد يجهله
الزوج عن طبيعة المرأة وإحتياجاتها، فيتجاهلها تماما بعد
إنتهاء العلاقة الحميمية، لأنه يعتبر أن الإشباع هو
إشباعه هو، والمتعة هي متعته هو، فإذا ما انتهت
العلاقة الحميمية وفي الثانية التالية مباشرة، يهمل زوجته
ويبتعد عنها، ولا يدرك أنها مازالت تحتاج إلى جرعة
مركزة من الحنان والشعور بالدفء، ولكن إبتعاده عنها في
تلك اللحظة ينتقص من إحساسها بالرضا وربما يتراكم
إحساسها بعدم الرضا مرة بعد مرة فتخبو مشاعرها، وقد
يتزحزح الزوج مبتعدا عن مركز قلبها ولو قليلا .
تحديد موعد ثابت للعلاقة الحميمية
ليست العلاقة الحميمية كالطعام أو النوم، يضبط
الجسم ساعته البيلوجية على توقيتها ويستعد بما يلزم لها
من إنزيمات وهرمونات وإشارات عصبية متخصصة تهيئ الجسم
لأداء مهمته الموقوتة والمبرمجة. ولكن العلاقة الحميمية
أمر مختلف، إذ يعتمد نجاحها أو فشلها على عدة أمور
آنية مترابطة وعرضة للتغير وتعتمد تماما على الحالة
النفسية والنشاط العام للجسم وسط متغيرات وضغوط متباينة
في محيط العمل والأسرة.
العنف مرادف للفحولة
قناعة أخرى خاطئة وخطيرة قد تستولي على الزوج،
خطورتها تطال شريكة حياته، عندما يظن أن العلاقة
الحميمية المصحوبة بالعنف هي شهادة له بالفحولة والقوة،
وحتى إن تألمت الزوجة، ستسعده أناتها وسيعتبرها دليل
القدرات المتفوقة لديه، وسيرى أن ما يسببه العنف من
ألم لزوجته إنما هو فائض الإشباع لديها، بينما لا يدرك
أن الألم يلاشي أي إحساس بالسعادة مهما كان نوعها لدى
أي إمرأة طبيعية، فالعلاقة الحميمية هي نوع من الحوار
المتزامن للمشاعر والجسد، وليست بأي حال نوع من النزال
أو المصارعة.
المقارنة مع أخريات
ذلك خطأ يقع فيه الرجل دون قصد، ودون أن
يدري عواقب ما يلوح بخيالاته، وينسى أن زوجته أنثي لها
صفاتها المختلفة والمميزة، فالنساء لسن نسخا متطابقة،
وإذا لم يكن واعيا لخطورة عقد مقارنة ظالمة في خياله،
ودون أي ضرورة، بين زوجته وأنثى أخرى سكنت مخيلته،
كنجمة سينمائية مثلا، أو موديل جميلة، فإنه سيجنى ندما
وإحساسا بعد الرضا عن زوجته التي ستخسر لا محالة سباق
المقارنة مع ملكات الجمال الوهميات، بينما هو سيخسر
السكينة والقناعة بحياته الزوجية، ويأبى إلا أن يعيش
واهما مع افينوسب التي تسللت إلى نفسه واستولت عليه،
فتكون بداية النفور، وطريق النفور منتهاه غالبا بئر
الخيانة.
خجل الزوجة يعني البرود !
عندما لا يراعي الزوج أثر أسوار الحياء والخجل
المضروبة حول زوجته منذ طفولتها، والتي تحد من قدرتها
على التصريح بماتريد، بل أحيانا تعجز حتى عن التلميح
عن رغباتها، بفعل تربيتها وعفتها التي إعتادت عليها،
وبمساعدة القيم الموروثة والمستقرة في نفسها، فلا تصبح
قادرة حتى وإن أرادت أن تعبر عن مايدور في نفسها أو
ماتشعر به في لحظة ما، عندئذ يستدعي الزوج من مخزون
ثقافته التي تعملها دون معلم قويم، فيظن أن زوجته
باردة، أو أنها لا تحبه وسنده في ذلك أنها لو كانت
تحبه لبادلته إنفعالاته!.
جرأة الزوجة دليل إدانتها !
في المقاييس الثقافية الخاطئة لدى الزوج
والمنقولة من رفاق السوء، لا سكوت الزوجة وحياؤها يشفع
لها ولا تصريحها وجرأتها تفيدها، فسكوتها وإختباؤها وراء
حجب الحياء تم تفسيره برودا، فماذا لو صرحت الزوجة،
وتجرأت أن تعبر عن نفسها بحرية مع زوجها في فراش
الزوجية؟ هنا قد تثور الشكوك في عقل الزوج، ويتساءل عن
مصدر معرفتها لبعض مفردات العلاقة الحميمية، فتتمكن منه
فكرة مفادها أن زوجته مجرِبة، إكتسبت خبرات من تجارب
سابقة، خاصة إذا ما تشابه تصرف ما، أو رد فعل ما،
مع حكاية رواها له في يوم من الأيام أحد الرفاق،
فيكبر الشك في قلبه، والشك مثل البذور إذا ما تواجدت
تحت التراب فلابد ستنبت يوما، وستقوى النبتة، وربما لن
يمكن إقتلاعها بعد أن تكون قد مدت جذورها بعيدا إلى
الأعماق.
الفشل طريق الإكتئاب
إذا لم تكلل العلاقة الحميمية ذات مرة بالنجاح
من جانب الزوج، فإنه يقع مباشرة في دوامة الإكتئاب،
وتساوره الظنون عن قدرته، ويؤرقه الخوف من إصابته
بالضعف، ويؤدي القلق إلى المزيد من القلق ويتصاعد توتره
بمرور الوقت، ولأن ثقافته قاصرة ومستوحاة فقط من معلومات
نقلها إليه رفاقه في جلسات المقهى، فهو لا يعرف أن
الأداء الجسدي في الفراش إنما يتأثر بحالة الجسم كله،
بدورته الدموية، ومستوى الهرمونات، ونسبة السكر، ومستوى
الدهون، وبطبيعة الطعام، ومدى توازنه وتوافر العناصر
الغذائية الهامة فيه، ويتأثر أداء الجسد لوظائفه كلها
بوجه عام بالحالة النفسية للإنسان، لذلك فهو قد لا
يعرف أن الفشل مرة في أداء علاقة حميمية، لايعني
بالضرورة إصابته بالعجز، ولكن أغلب هذه الحالات تكون
عارضة مؤقتة تزول بزوال أسبابها، وتغيُر الأجواء المحيطة،
وتحسن الوضع النفسي.
الهرب من زيارة الطبيب
إذا ألم بالزوج عارض صحي جعل قيامه بدوره في
العلاقة الحميمية غير ناجح بدرجة أو بأخرى، فزيارة
الطبيب عار وحشومة! ورغم علمه بأن الطبيب هو المؤهل
والمتخصص بما لديه من علم لعلاج أي عارض مرضي يكون
قد أصابه، ولكن زيارة الطبيب قد تعني في قناعات الرجل
وثقافته إعترافا صريحا بالعجز وأن زوجته وبمجرد أن تعلم
أن زوجها يتلقى علاجا ما، فإنها ستعامله على أساس أنه
عاجز، بما لذلك من تداعيات، لذلك يتجنب الزوج الذهاب
للطبيب حفاظا على صورته أمام نفسه، وأمام زوجته التي
سيلجأ إلى تجنبها في الفراش، وقد يفتعل خصومة معها
تبرر سبب إبتعاده عنها، ليكون ستارا يخفي مخاوفه
الحقيقية، وكما بدأت ثقافته من الرفاق على المقهى، ولأنه
يهرب ويخجل من زيارة الطبيب فسوف يعود مرة أخرى إلى
مصدر ثقافته الأولى، سيلجأ إلى الرفاق ليسأل عن علاج،
أوحلول لمشاكله التى غالبا ستتفاقم نتيجة نصائح تلقاها
من غير ذي علم.
من الممكن أن يقع الزوج في خطأ أو أكثر من
هذه الأخطاء، أو أن تكون لديه إحدى تلك القناعات
الخاطئة، وبالتأكيد فإن مثل تلك الأخطاء والمفاهيم قد
تسببت في العديد من المشكلات والعذابات التي تدور خلف
أبواب الكثير من بيوت الزوجية، وأن أغلبها يبقى سرا
يعذب أصحابه وينغص عليهم حياتهم، وبالتأكيد كذلك فإن
علاقات زوجية عديدة قد تفككت، وأن أسرا قد تشتتت بفعل
تصرفات أو أفكار تكونت نتيجة غياب المعرفة أو تسببت
فيها ثقافة مغلوطة لا تستند على العلم.
0 التعليقات:
إرسال تعليق